حسناً، ربما قد يسأل المار هنا، لماذا توقف هذا المكان فترة من الزمن ؟
دعني اشرح لك السبب بشكل غير مباشر، بصورة هي الأخرى قد لا تكون مباشرة...(من الواضح ان الغموض اصبح صفة من صفاتي، ولكن تحمل معي، فدائما ما يصل بنا الغموض في البداية الى وضوح ساطع في النهاية...)
حينما تسير بسيارتك بسرعة بطيئة نسبيا، يكون سهلا عليك ان تصحح مسارها عندما تنزلق بك قليلا او عندما تفقد السيطرة عليها
وهذه مهارة تكتسبها مع مرور الزمن وازدياد حرفية القيادة لديك
ثم يواجههك بعدها التحدي الاكبر... عند السرعات الاعلى
فحينما تكون تتجاوز سرعتك الـ 200 كم\س، لا يكون امامك الكثير لتفعله عندما تنزلق منك السيارة نتيجة حجر هنا او هناك، الا ان تضغط بقدمك بكل قوة اودعها الله فيك على المكابح، فان استطعت وسيطرت عليها مرة اخرى وتوقفت، فتلك معجزة، ثم ان لم تستطع بعدها كبح جماح عشق السرعة لديك، وبدأت من جديد مباشرة بالقيادة، فتلك معجزة اخرى، ولكنها ليست معجزة مبشرة لحياة هادئة !
ففي مثل هذه اللحظات، يجب عليك التوقف تماما والتريث، فمن ادراك ان المُسبب لهذا الانزلاق كان بالفعل حجرا ملقىً على الطريق، اليس من الممكن ان يكون هناك عطل ما بسيارتك، اليس من الممكن حتى الا يكون عطلا في الاساس، بل يكون عيباً ديناميكياً خطيراً في تصميم السيارة ككل، شيئ يحتاج الى اعادة النظر في نوع السيارة نفسها... السيارة التي تقود بها في طريق حياتك من الاساس...
ثم انه من أدراك ان استراتيجيتك في التعامل مع الطوارئ حينما فرضت نفسها عليك كانت بالصحيحة، هل كان ضغطك بكل ما اوتيت من القوة على المكابح... أمرا معقولا وصائبا حقا؟ أم ان الامر كان يتطلب فن ومهارات ابعد من مجرد بديهية الضغط على المكابح... لربما مثلا ضغطك برفق مع تصحيح بسيط لعجلة القيادة بعكس اتجاه الانزلاق ثم زيادة السرعة للحظات كان حلاً أكثر سلماً وذكاء... واحساسا بالسيارة
بالتأكيد قد لا تتخيل كثيرا مثل هذه الصورة، وقد أجزم بذلك، ولكن...
اتركوني اتكلم... اتركوني اعبر، فانا اؤكد لكم ان اغلاقي لهذا المكان، تزامن مع اغلاقي لكل وسائل تعبيري المختلفة عن افكاري وذاتي وروحي
لقد رسمت مخيلتي هذه الصورة والتخيل الخاص، بعدما استلهَمَتها من عشق السيارة لدي، فربما قد لا يشاركني من يقرأ كلماتي مثل هذا العشق، لكن ومن ناحية اخرى، فالشيء الذي يجب ان يجمعنا جميعا، هو ما سنفعله عندما تنجو من أي مرحلة خطر كمثل هذه... حينما يستوجب علينا اعادة النظر في خططنا، في اتجاهاتنا، وما وصلنا اليه وما آلت اليه امورنا
تلك المواقف والأوقات العصيبة، التي يكون فيها الوقوف والتريث، واعادة الحسابات مرة اخرى، والتأكد من اننا نسير في الاتجاه الصحيح الذي نريده لانفسنا، يكون شيئا ضروريا لاستمرارنا في حياة هادئة صحية، حينما تتكدس الظروف فوق رأس الانسان، والمشاعر السلبية فوق روحه، ويتركنا ويتخلى عنا جميع من كانوا بجوارنا مساندين وملهمين لنا في يوم من الايام
فاذا لم تفعل، اذاً فانت تستنفذ وطاقتك ومجهودك، وتسحب من رصيد سعادتك، بل وتشكل خطرا على الاخرين من حولك ممن يستخدمون الطريق معك، خطر لا تدري متى بدأ ومتى ينتهي، ومتى تدرك وجوده...
اني واثق ان جانب عشق السيارة لدي قد يثير تعجب الكثيرين، هم لا يدركون كيف انه عشق انتشلني في أحيان كثيرة من ظلمة لحظات مريرة، كيف انه عشق احاول ان استغله وادركه حتى استعيد حياة مِلؤها من جديد... شغف قديم... قِدم زماني كله !
فاذا كنت من هؤلاء المتعجبين، اذاُ فلتتعجب اكثر بعد قراءتك المقال التالي