الخميس، 27 مارس 2008

العالم ... ونظرتنا المختلفة للاشياء

ياترى عمرك حسيت في مرة بان اللي قدامك كان المفروض يعمل حاجة معينة لو حتى من باب الذوق مثلا ؟ حسيت كده انه معندوش دم او احيانا بيتهرب من مسؤولية معينه المفروض كان يعملها ؟

ياترى في مرة مثلا كنت في المترو وقاعد مرتاح والتكييف شغال عشرة على عشرة (سيبوني احلم يا جماعة :D ) ، وقاعد بقا والجو حوليك صامت والناس حوليك ساكته، اللي قاعد يقرا مجلة واللي بيفكر واللي ماسك موبايله بيلعب بيه... لدرجة انك بدات تسمع صوت للصمت !

تخيل فجأة في المحطة الجيه دخل عليك "أب" ومعاه 3 اطفال صغيرين عمالين يتكلموا ويزعقوا ويعملوا دوشة، وراحوا قالبين المترو كله ، والاب ولا كانه هوا هنا وقاعد جنبك في الكرسي ومش بيعمل حاجة ولا حتى بيحاول يسكتهم

تعالى نشوف ايه الطبيعي اللي ممكن تفكر فيه: ده ايه ده، ايه الاب ده، ده بدل ما يحاول يسكتهم ويخليهم يبطلوا دوشة وازعاج ، اكيد اكيد انت في الوقت ده هيبقى صعب انك متتضايقش من الموقف ، ومش بعيد كمان كل الناس اللي حوليك يكونوا زيك بالضبط

هنا بقا ياما هتجيلك الجرأة وتكلم الاب وتطلب منه يسكتهم، او لو انت بتبص على الامور بنظرة تحليلية شوية هتهتم انك تعرف سبب عدم تحركه في الموضوع من اساسه (ومش هيهمك هما يعملوا دوشة او يسكتوا المهم تعرف الراجل ده ماله - هوا كده ليه) او انك هتستحمل لحد ما تنزل المحطة الجيه وتفضل تضغط على نفسك

طبعا بما اني بحب الموقف التحليلي فهدخل فيه ، تخيل انت سألته بكل احترام (وشوية فضول) : انت ليه مش بتحاول تسكت اولادك دول؟
وفاجأك بالاجابة...


" انا لسه راجع من المستشفى دلوقتي بعد ما زوجتي وام اولادي دول توفت هناك... انا تفكيري مشلول وعاجز عن التفكير في اي حاجة، ومش عارف ليه اولادي بيعملوا كده... يمكن لانهم مش عارفين التصرف الطبيعي في حالة زي ديه ايه، او ان الاطفال دول الصغيرين .. بيهربوا من الواقع... انا مش عارف ازاي اوصلهم الموضوع... ياترى هيقدروا يكملوا حياتهم بعد الصدمة ديه بنفس الروح اللي انا شايفها دلوقتي ؟ "
وفجأة... راح راجع تاني لنفسه مستغرقا في تفكيره... وهمومه القاسية.


ساعتها ، تفتكر حالتك هتبقى ازاي ؟ اكيد هتتبدل حالتك من الضيق والاستغراب اللي كنت فيه... لمشاعر مختلفة تماما تماما، مشاعر عطف وشفقة على الاب ده وعلى اطفاله، وهتحاول تبذل كل اللي تقدر تعمله عشان تساعده وتخفف على اولاده (ممكن يكونوا مش فاهمين حاجة لسه او مش مستوعبين) ، وهتفضل تدي تفسيرات وتبريرات للصبح للاب اللي فضل "قاعد مبيعملش حاجة لاولاده اللي قطعوا صمت المترو"

شفت... الواحد في لحظة بتتغير نظرته للامور ، وتقديره للمواقف وحكمه على الاشياء والاشخاص... في لحظة 180 درجة تحول !!

ياترى فيه كام موقف عدا في حياتنا محاولناش نفكر ونراعي اللي قدامنا انه ممكن يبقى عنده ظروف او حاجة انا مش فاهمها ومش حاططها في معطيات حكمي عليه؟؟؟؟
ياترى فيه كام موضوع وفكرة وفرصة في حياتنا تنازلنا عنها لمجرد ان نظرتنا ليها مكنتش النظرة السليمة ... واننا محاولناش نروح الناحية التانية ... والناحية الثالثة... ونشوف الموضوع باكثر من وجهه نظر واحده ؟ بنية اني فعلا مش واثق 100% من رايي الاول صح

ياترى فيه كام نقاش دخلنا فيه وخرجنا منه بضيق او حتى توصل لدرجة القطيعه والخناق لاني مش مستعد "اتقبل افكار اخرى" وافسح المجال ليها انها حتى تدخل نطاق تفكيري وتحليلي ؟؟ ده ممكن حتى لمجرد اني شايف ان الانسان اللي قدامي ده انسان "لا مبالي" او "مش مفكر" يبقى مش انا اللي اعتد برايه او اسمعله... رغم ان في الحقيقة هوا ممكن ميبقاش كده ، وحتى لو كان كده ، يبقى هوا اكيد عنده تجارب وظروف ومعايير مختلفة خلته يحكم على الامور بشكل مختلف عن تفكيري... واكيد في الحالتين... لازم اسمعله وانا متهيأ نفسيا اني ممكن اخرج من الحوار ده وانا اتغيرت وجهه نظري

وساعتها بس... يبقى انا مكنش كل هدفي من الحوار اني "اقنع الطرف الثاني برأيي" بالعافية !


بالنسبة بقا القصة ديه استوحيتها من قصة شبيه جدا في احد الكتب الرائعه اللي لسه بادي فيها...بصراحة اسم الكتاب عمري ما نسيته لكن مش عارف ليه في اللحظة ديه اسمه مش جي في بالي ، هوا عموما هيجي اسمه كتير في الفترة اللي جيه بما انه "كتاب هذه الفترة" بالنسبة لي

ولكن كل اللي عملته في القصة اني عدت صياغتها بطريقتي وطريقة عرضها :)


اخيرا بقا انا مش عارف اختم البوست بايه ، ياترى اقول : "التمس لاخيك بضع وسبون عذرا" ، ولا اقول "لازم نسمع الصوت الاخر من الحقيقة" ... الموضوع ليه اكثر من بُعد بصراحة .